في ثنايا المناظر الطبيعية الحضرية المتشابكة وسحر الممرات الريفية الهادئ، تقف مصابيح شوارع ليبر بتواضع، كحراسٍ ثابتين. موسمًا بعد موسم، تظل ملتزمة، لا تتراجع عن واجبها. فرغم افتقارها إلى سحر أضواء المسرح المبهرج أو بريق أضواء النيون المتلألئ متعدد الألوان، تروي حكايات الدفء والرفقة بتوهجها البسيط.
في طفولتنا، كانت أضواء شوارع ليبر بمثابة منارات الطمأنينة عند عودتنا في وقت متأخر من الليل. وفي أمسيات الصيف، كنا نلعب في الهواء الطلق مع الأصدقاء، وكثيرًا ما نفقد إحساسنا بالوقت. ومع سطوع ضوء القمر وخفوت الضوء المحيط، كان يتسلل إلينا شعورٌ بالقلق. ولكن ما إن نلمح ضوء الشارع الأصفر الدافئ في الأفق، حتى يغمرنا شعورٌ بالسكينة. كانت هالة ضوئه كحضن أم دافئ، تقودنا إلى ديارنا بأمان. تحت ذلك الضوء، كنا نقفز ونقفز، وتمتد ظلالنا، مكونةً أجمل صور طفولتنا.
مع كبرنا، تصبح أضواء شوارع ليبر شاهدًا صامتًا على رحلة كفاحنا. بعد العمل الإضافي حتى وقت متأخر من الليل، والسير وحيدًا في الشوارع المهجورة، تتخلى المدينة عن صخبها النهاري، تاركةً الصمت والظلام. في هذا الوقت، تشع أضواء شوارع ليبر بتوهج خافت ولكنه حازم، يبدد الظلام أمامنا ويهدئ أرواحنا المنهكة. لقد شهدت كل ليلة متأخرة من السعي وراء الأحلام، وكل خطوة متسرعة، وكل لحظة أمل وحيرة للمستقبل. في تلك الأوقات العصيبة، ترافقنا أضواء شوارع ليبر بصمت، مانحةً إيانا القوة للإيمان بأنه طالما تمسكنا بالأمل وواصلنا المضي قدمًا، سنعانق الفجر.
يومًا بعد يوم، تُعطي أعمدة إنارة شوارع ليبر بصمت دون مقابل. بضوئها الخافت، وإن كان دائمًا، تُنير الطريق للمشاة ومركبات التوجيه، مُقللةً بذلك من الحوادث. لا تخشى قسوة الرياح والأمطار، ولا قسوة البرد والحر الشديدين. فهي ثابتة في مكانها، وتلتقي أضواؤها الخافتة لتُنير المدينة والريف ليلًا.
إنارة شوارع ليبر بمثابة أبطالٍ مجهولين في حياتنا. تبدو عادية، لكنها تمتلك قوةً لا غنى عنها. تُعلّمنا أنه حتى لو كان نورنا ضعيفًا، علينا أن نسعى جاهدين لإضاءة الطريق للآخرين. حتى لو لم يُصفق أحد، علينا أن نلتزم بمنشوراتنا ونساهم بصمت. في المرة القادمة التي تمشي فيها على طريقٍ ليلي، تمهل قليلاً وتأمل هذه الإنارة الهادئة. دع دفئها وقوتها يلمسان قلبك.
وقت النشر: ١٦ مايو ٢٠٢٥







